خريفٌ مزهر

الخميس، 21 أغسطس 2008

بلقى الأحبّة تُستطبُّ العلّةُ
و العينُ إن جادتْ تعودُ فتصمتُ
و الليلُ مهما طال أشرقَ بعدهُ
فجرٌ تعالى نورُهُ يتشتَّتُ
تيكم هي الأيام تكتبُ لحنها
موتٌ و ميلادٌ و تُعزَف نغمةُ
لا شمس تولد في المدى أبديّةً
و العمرُ شمسٌ للمغيبِ توقِّتُ
و الليل لا يُجليه إلا ضدّهُ
و الشوقُ لا تُطفيه إلا النّظرةُ
لي في ديار الشام قرّةُ أعينٍ
أهلٌ و صحبٌ هُم و نعمَ الصُّحبةُ
لي في الجنوب أميرةٌ أسكنتُها
قصر النجوم به إليهِ القبلةُ
يا أيُّها اليرموك هاك مدامعي
ثوباً نسجُت لصدركم , فتلفَّتوا !
أوتذكر الشّادي على أعتابكم ؟
أم غاب في سِفرٍ به من يشمتُ ؟
سارتْ إليك و للسهول قصيدةٌ
كالليل يغفو كي يقومَ الصَّفوةُ
هذي هي الفيحاء تدمعُ عينها
سهراً على جرحٍ جفاهُ الأسوةُ
يا شام نارك في الفؤاد مَقاتلٌ
أرأيتِ قلباً نابضاً يتفتَّتُ ؟
مرّي على بردى فعند فروعهِ
خبّأتُ بعض سعادةٍ تتفلَّتُ
و إذا بلغت حماة نادي خافقي
و لتشربي العاصي إلى ما يُسحتُ
داري أمامَ أبي الفداء مناجماً
أعيى الزّمانَ مُنقباً يتشلّتُ
و لترجعي بنسيم أمي و الصِّبا
و رحيق كل مكوَّنٍ لا يُمقتُ
ليلٌ سيرقدُ في سرير صباحنا
و الحبُّ في الأيام لا يتشتّتُ
و البدر بدرٌ لن يزيدَ مقامَهُ
إلا لقاءٌ في ضياهُ يُبيَّتُ
فلنستر الدُّنيا ببردةِ قلبنا
يا طالما حمل الفؤاد و يسكتُ :"/
فلنُسكت الدُّنيا بدمعة عيننا
فلكم أسرناها كأنّا نُنحتُ
فلنحمل الدنيا بآهاتنا التي
قُتل الغرام بها و قيل لنا اصمتوا
سرٌّ هي الأكوان يخفتُ نجمها
ما بالُ نجم جراحنا لا يخفتُ ؟!
مات الزمان , و ربما اغتيل اغتيا
لاً , و الأسى لم تشتملهُ الزّلّةُ
قالوا انتهت , فأجبتهم فلتنتهي
يا كم رأتْ بالشّعر منّا المقلةُ

على مشارف الرّحيل

السبت، 5 يوليو 2008

كان الصّباح على غير عادته في هذا الشّهر , مُسفراً عن وجه السّماء كأنّه لا يغار عليها من نظرات البشر !

كان مشرقاً رغم البرد القارس

أمّا هو , كان على يقين أن الشّمسَ ستشرقُ بعد ساعةٍ من الآن

و أنّ ثغرَ الظّلام سيبتسمُ عن صبحٍ جديد جعلهُ الله معاشا

وكان اليقين الأكبر الذي سكنه حينها ..... أنّهُ لن يرى المكانَ مرّةً أخرى !

أنّ الذّكريات و أنوارَ الهناء أزمعت الرّحيل , وأنّ القمرَ ناجاهُ تلك الليلة مودّعاً إيّاهُ إلى ما شاء الله .

أمّا أنا , نعم رأيتُه تلك الليلة ....

كانت غرفتهُ مُضاءةً حتّى الفجر

لا تسألوني ما الذي حرم عينيه الدّامعتين من النّوم !

كلّ ما أجيد سردهُ لكم أن لم ينم , و أنّهُ في قرارة نفسهِ تمنّى لو ينامُ إلى الأبد !



أسفرَ الصَّباح , وماز الخيطُ الأبيضُ أخاهُ الأسود


وركضتْ أصواتُ المؤذّنينَ فوق سلالم الأفق , تبعثرُ في جنباتها " الصّلاةُ خيرٌ من النّوم " .


"" النّوم !!


نعم , سمعتُ هذا الاسمَ من قبل


بل و ذقتُهُ سنين حسبتهُ فيها سُفرةً للراحة , لا يشبع المرء راحةً إلا من أطباقها ! ""


ثم انتهى الأذان


وعادتْ ذرّاتُ الهواء ترمّمُ الصّدع الذي أحدثهُ الأذانُ فيها .


تُعالج الجرحى , وتدفُنُ في لوعةٍ موتاها !


كان هو كذلك يعالج جراحه , و في ذات لوعة أولئك يدفن الدّموع في مقابر خدوده .


"" رباهُ رحمتك


جراحٌ وموتى يا مولاي


لكن , لماذا ؟ ""


وأرخى مرّة أخرى ستار حسرتهِ على تلك الجراح .


و أرخى معها ستائر غرفته الزّرقاء , و حمل الحقيبة !


سار في منزله غريباً , تراهُ الأشياء فتنكمشُ أنفاسها خوفاً


وتراهُ اللا أشياء فتنكمشُ


و يرى نفسهُ .... أيضاً حين يراها ينكمش !


ألقى على " الصّالة " نظرةً حملتْ بين رموشها حنان الكون وقالتْ : هل من مزيد ؟!


أشاح بوجهه خجلاً وهو يهبط الدرجات




كانت روحه تتعثّرُ كلما هبط درجة فيلتقطُها و قد زادتْ فيها الجراح

مرّة يلملمُ روحهُ و أخرى يحمل فؤاده

وفي كلّ مرةٍ تغُورُ فيهما الآلام لتمتصَّ بقايا الهناء فيهما !

ولتُبرهنَ له - بمنطق الجبروت - أن الأمرَ لا محالةَ مقضيّ .

وقف على تلك الدرجات ليلتفتَ إلى الوراء

و عادَ يخطُو , لكن إلى أعلى هذه المرّة !

و أنا .... كأنتُم تماماً في تلك اللحظة

ظننتُ الزّمانَ استدارَ و أعلن التّمرُّد

سمعتُ - و أكادُ أقسمُ - في عزف خطواتِهِ سيمفونيّةً ارتجفتْ لها كلّ الأماكن

عاد مرّة أخرى إلى تلك الصّالة يسقيها نبع الحنانَ كُلّه

ثمّ سارَ حتّى توقّفَ هناك ...

أمام الباب الوحيد الذي لم و لا يوصد , باب الحنانِ و الدّفءِ الواسع .

يُلقي نظراتِهِ - رغم الظّلام - على الوجه الحبيب

ركضتْ في تلك الغرفةِ رموشُهُ تُقبّلُ أمّهُ النّائمة

كان واقفاً عند الباب , يتقدّمُ خطوةً ثم يعود مرّة أخرى متخلّفاً

يُواري عن نبض الفؤاد من الحسرات بحاراً وأكوانا .

"" أمّي , هو الوداع يا أمّي !

كلّ آمال الحياة أراها الآن املاً واحداً

أملاً يتيماً يرتجفُ !

نعم يا أمي يرتجف

فهو الآخر يمثُل أمام محكمةٍ حكمت عليه بالموت !

ونُفّذ الأمر يا أمي , كاتِبينَ على قبره " حُلمي أن أضمّك الآن يا أمّي "

أمي ...

مات أملي الذي رجوتُ فيه كلّ الآمال ! ""

لم تنفعهُ حينها إلا كفـُّه يلملمُ فيها حفنةً من دموعه

ثم يضعُها مع بقايا رحيق الشّوق على باب الغرفة

ويوصيها بهمس : "" هلّا بلّغتم أمي سلامي ؟! ""





عادَ مرّة أخرى لقدره , يهبطُ السّلالم


واستوقفهُ الطابقُ الثّاني , فأخذ ينظرُ ويذكرُ أخواته الصّغيرات


ويسرحُ بخياله على هضاب الذّكريات , يُطعمها عشبَ الضّحكات و يسقيها من نبع الأخوّة .


و عاد يعلنُ للقدر استسلامهُ أخرى , فتابعَ نزول الدّرجات حتى وصل الشّارع


سار لا يسمعُ الكونُ إلا نُواح خطواته الباردة


كانت تنوحُ ترجوه أن يعود ....


ترجوهُ و ترجوه


لكنّ قسوة الحُكم أصمّهُ حتى عن سماع أنفاسه !


و رأى بين شوارع المدينة طفلاً يُداعبُ الأرصفَةَ و الجدران


يحملُ في يده كتاباً و على ظهره حقيبةَ الدّراسة


لم يتمالك نفسه حين ابتسم له


ولم يتمالك قلبُهُ نفسه من الصّياح تحت اعتصار كُلّابة الذّكريات له


كان سراباً رغم كلّ شيء


سراباً رأى فيه طفولتهُ البريئة - وربما - النّادرة !


ويرى خلف السّراب جيشاً يتوعّد بالكثير إن تأخّر عن الرّحيل !


كلّ سهامهم براها الحقد و الحسد


جعلوا رؤوسها الوفاء الذي أكنَّه لهم يوماً , حتى يكون - إن جاز التّعبير - شهيدَ الوفاء !


سارتْ به الخطواتُ بين الشّوارع حتّى شارفَ على تلك التّلة الصّغيرة ...

وقف هناك لحظات يردّد :

"" " إنّما أشكو بثّي وحزني إلى الله , و أعلمُ من الله ما لا تعلمون " ""

و التفت يميناً يُريدُ رؤية عروسه الصّغيرةَ هُناك !

رأى فيها كلّ براكين الكون تلتهب ثمّ تفورُ تفور

تُحرقُ وجهها الذي رعاهُ و سقاهُ سعادةَ القلب كيما يبستم ...

و كان هو الآخرُ يحترق

و يرمي - دون إرادة - حممَ الأسى في كلّ ساح !

رمقها بعين تخشى الوداع - و إن كانت تُمارسُهُ تلك اللّحظات - وقال لها :

"" سُكينةُ ما لقلبي في احتراقِ ؟!

وما للدّمع لا ينوي فراقي ؟!

وما للحزن أضحى فيّ جزءاً

يُلازمني يُبالغُ في عناقي ؟! ""

حينها رأيتُ الحديقة ترتمي وتفيضُ منها العبرات

بالله ... أرأيتُم يوماً أرضاً تبكي وتنتحب ؟!

كنتُ أظنّ " شهرزاد " تُجيدُ اختلاقَ الحكايا لسيّدها

حتى رأيت ما لو رآه سيّدها لاستغنى عن نديمته الحسناء

كان الموقفُ - في وصفي - حكايةٌ تسرُدُها خيوط الشّمس - التي بدأت تتسلّلُ - ألف عامٍ و عام دون أن تنتهي !




رمقتُهُ يُديرُ وجههُ و يخطو

تاركاً على تلك التّلال وشاحَ الحبّ تتنازعُهُ الريّاح

كلّ ريح تريده لها !

فتارةً أراه يروح يميناً و أخرى يطير ناح الشّمال .

بعد قليل رأيتُ الشّمس تبتسمُ كيما تلتقي به - كعادتها - في أحلى الصّور !

لكّنها ما لبثتْ أن رأتهُ حتّى فَتَرَتْ حرارتُها

و عادَ الصّباح تزأر برودتُه و تفترسُ كلّ مكان !

مدّت تلك أشّعتها تمسحُ عن عينيه بعض الدّموع

وتمسحُ بعضاً آخر و آخر ...

غيرَ أنّها أيقنّت أن حرارتها عاجزةُ أمام الدّمع الذي هاجرَ تلك الدّيار !

رأيتُ الدّمع على خدوده كالشُّعَراء !

وقفْنَ على مشارف مآقيه كأنها الأطلال يغزلنَ فيها القصائد ...

وتنظُرُ إليها بكل معنىً حواه التّاريخ لليأس

كأنّها هي الأخرى أيقنَتْ أن عينيه لن تبتسما بعد اليوم !

مرّ من هُنا يودّعُ

و مرّ من هناك - أيضاً - يودِّع

راسماً على صفحةِ الوفاء عروساً تُغري كلّ من يُفكّر يوماً أن يخون الذّكريات والوفاء ...

و تاركاً مع كلّ طيرٍ رآه رسالةً يحملُها بين خافقيه

كيما يوصلها إلى كلّ ذرةٍ لامسها يوماً ما

يعتذرُ فيها مسبقاً عن رحلة هجرٍ قد تطول !

كان يقول " قد تطول " و في قرارة نفسه يقينٌ أنها ستطول .

يقينٌ أن قلبَ أمّه الآن - و إن كانتْ نائمة - يبحثُ عنه هُنا و هناك ...

أنّ ريحانتهُ على شرفته قد أفاقت تنتظر إفطارها ...

أن الصّغيرات ينتظرن قبلة الصّباح ...

أن المكان ينادي ...

أنّ القلبَ يُنادي ...

أنّ الدّمع يُنادي ...

أن الصّخر يبكي و ينادي ...


أنّ الكون يُنادي .... لماااذا ؟؟!!!



لماذا ؟!




تمّت .

14 . 5 . 2008

قالوا ستسلوا








:: 1 ::


نارٌ هي الأحلامُ

تلهب فرحتي

تجتاحُ حتّى زفرتي

لكنها تجتاحه غولاً

يوزّع دمعتي

وإذا توزّعت الدّموعُ

تأكّدتْ " إنّ المدامع سيرتي ! "


:: 7 ::


نارٌ هي الأحلامُ

تحرقُ في يميني ألف دفترْ

تغتال حبر قصيدتي

وتعيد لي حزناً تعثّرْ

وتقول : يا هذا

تمهلْ

وتعيدُ : يا هذا

تعقّلْ

وتصيح : يا هذا

رويدك إنها الأيام تزأرْ

فاحرق معي باقي الدّفاترِ

واحترقْ

قد صرت ذكرى

إن وجدت على الزمان وسهله من قد تَذَكّرْ .


:: 12 ::


وأعودُ أنظر للوراءِ

أرى الزمان حديقةً

أواه ما بال الزمان على رموشي قد تسعّر

يا قوم هذا خيرهُ

ما باله في يوم أفراحي تسمّرْ

يا قوم هذا لحنهُ

ما بالهُ عند الصّباحِ

على أفانيني تكسّر

وتكسّرت حتى غصوني

والغصون إذا تكسّر قدُّها

فالعمر يا أحبابُ فُلكٌ

في بحار الخوف بعد أمانه المسلوب أبحَرْ


....


:: 18 ::


قالوا ستسلو

قلتُ أسلو فرحتي

قالوا ستسلو

قلتُ أسلو بسمتي

صرخوا سأسلو

قلتُ أسلو بعدها عيشاً لأيّامي الرّغيدة

ربّما أسلو منامي

أو تفاعيل القصيدة

ريما أسلو ضياءً

في السّماوات البعيدة

ربّما أسلو حياةً

والأغاريد الفريدة

ربّما أسلو يراعي

ربّما أسلو النجومَ

وريح " ذرعاتَ " المجيدة

ربما أسلو صباحاً

أو مساءاتٍ

وطير حديقتي

إن أطلق الألحان من عودِ الأماني

أو أضاء بلحنه ليل الحكايات الجديدة !

أما بأن أسلو الحبيبَ و صوتهُ

هذا سيحدُثُ

لا أماري

إنما في موقفٍ عند الحسابِ

ودونه هيهات أنسى ذكرها

والذّكرُ في قلبي أيا من يدّعي السُلوانَ

بحرٌ للقصيدة !



مهنّد ،، يا فارس الخيل الأخير

الجمعة، 20 يونيو 2008

في عزاء فقيدنا مهند - عضو منتديات إنشادكم



دمعي أزاح مدامع الخنساء

وصدى على رغم الجموع ندائي


أقفلت هذا اليوم باباً من لظى

ففتحتَ أبواب الحميم ورائي


إني ركبتُ قصديتي وأتيتكم

لكن أطلالاً تميتُ حُدائي


ألقيت في وجه السّماء قصيدةً

حتى سقتني حزنها كالماءِ


يا فارس الخيل الدموع حكايةٌ

قد أزمعت في غفلةٍ إشقائي


"قد كنت يا ابن الأكرمين إلى الضّحى

أدنى فَلِمْ عجّلت للإمساء ؟!!


قد كان وجهك آيةً تحكي لنا

سِفرَ الإخاء لدائها ولدائي !


قد كان حبّك وردةً جوريةً

جعلت من الصحراء أرض نقاء


إني أرى جمع الأحبة فارقوا

بفراقكم سعداً وعيش صفاء


"فقلوبهم في مارجٍ من ناركم

وعيونهم في مارج من ماء


يا أيها السّاري ليلقى ربّه

طالت لفقدك ليلةُ الإسراء !!


يا أيها الساري إذا نلت الحما

بالله سلّم قد فُديتَ دمائي


" كلّ المصائب كالجبال ولادةً

وتُحيلها الأيّام كالحصباء


إلا مصيبتنا بفارس خيلنا

تزداد ما مرّ الزمان إزائي


قد كنت أستاذاً وكنت لنا أباً

يا مشعل الأبناء والآباءِ


لولا يقيني بالإله وحُكمه

وتهجدي وتوجّدي ودعائي


كنت اعترضتُ على السّماء وحكمها

فأنا ضعيفٌ من بني الضُّعفاء


لكنها أقدار ربي ما لنا

إلا الدعاء إذا همت أعبائي


يا رب لطفك قد فرشنا روضنا

حزناً فصارت مرتع البؤساء


قد حلّ ضيفٌ ساحكم وعزاؤنا

كرمٌ من الرّحمن للنزلاء


يا من رحلتَ أرى السماء كئيبة

وكأنها الخنساء للأمراءِ


قالت وصوتُ نحيبها تشدو به

أطيار طيبة , أين بعضُ سمائي ؟!


هل تحتوي أرضٌ سماءً أم تُرى

نجمٌ يضمُ التربَ في البطحاء ؟!!!


أنتَ الهلال و لن تغيبَ لأننا

نرعى الهلال بنظرةِ الورقاء


ما كنتُ يوماً للوفاء بناقضٍ

عهداً ولا بلغ الوفاء وفائي !

أماه ما ذنبي !

قلبُ الصفى يبكي حزناً لمأساتي
والنّارُ لا تنوي هجراً لجنّاتي

والرعدُ في ليلي يروي لنا قصصاً
من الجراح ولا نورٌ بساحاتي

همِّي يُحدثني بأن فرحتنا
قد سافرتْ زمناً لتسودَ آهاتي

قد كنت من صغري أسعى إلى شرفٍ
أرقى إليهِ وأُلقِي عنده ذاتي

ما كنتُ أحسبُ أنَّ الناس مترعةٌ
بالحقد , يومَ رأوْ تيسيرَ حالاتي

يا من لها في القلب خيرُ منزلةٍ
وبعدها لهبٌ يقتاتُ محياتي

ومن لها يشدو شعري , ويذكرُها
وجدانيَ الملتاع في كلِّ حالاتي

لو تعلمين أيا ريحانةَ الوادي
بالموجِ يقذفني شطرَ الجراحاتِ

بالليل أسهرُه والقلب في وجلٍ
من شرِّ ليلتيَ الحمراء والآتي

أمّاهُ ما ذنبي لأذوقَ من وغدٍ
مُرَّ الحياة وأحيا عبد مأساتي ؟

وحدي أقاسي يا أمّاهُ ما فعلوا
ويرتعونَ بمالي - هم – وخيراتي

وحدي أبيت على الأحزان مفترشاً
جمر الغضى , وظلام اليأس مِشكاتي

وحدي ودمع العين صار منتفضاً
وسمهم يسري يستلُّ عزماتي

* * * * * *

قد أتقنوا مكراً , ويحيقُ مكرهمُ
بأهله , وأنال أجر حسَراتي

وأعودُ يا أمي والقلبُ في شغفٍ
لحضنكِ الدافي وللمسرّاتِ

وأعودُ تحملني ذكرى ممزَّقةٌ
لتُرّقِّعي الذكرى فتعودَ لي ذاتي

وأقبّلُ القدم العفراء في ولهٍ
ويغيبُ عن ليلي رعدُ الجراحاتِ

وأعود أخلع في خزن الأسى همي
وتستريح إلى الماضي عذاباتي

وأعود أسكن في قصر الهوى ملكاً
ويعود في قلمي حبر المسرّات

وتعود أشعاري بالسعد تطربني
تحكي المنى بيتاً من وحي أبياتي

عروس البحر " غزة "

الأحد، 8 يونيو 2008

حين تُظلم الدنيا في وجوههم رغم نورها الساطع
حين يغدو البحر وحشاً وطالما كان حسناء تبتسم لهم
حين يهرب الفرح هرباً من ثنايا الوجوه
تجد الأقلام تمطرهم حروفها
وترى القصائد تواسيهم ببحورها
وتضحك لهم الأوراق وهي توقن أنها لا تفيد
لكن لتكون واقفة شاهدة على مأساتهم
إلى الأبطال في غزة
إلى الأمهات في غزة
إلى الرجال الرجال
إلى القادة في غزة
إلى الأشبال
إلى غزة
إلى عروس البحر
ضمن حملتنا المباركة " ولا بد للقيد أن ينكسر "








أَزْجَيْتُ حِبْرِيْ فِيْ اليَرَاعِ مُشَـرَّدَا

وَرَسَمْتُ وَجْهَكِ فِيْ الدَّفَاتِرِ مَوْعِدَا


وَتَرَكْتُ قَلْبٍيْ نَحْوَ عِزِّكِ يَـمْتَطِيْ

فَرَسَ اشْتِيَاقٍ لَا يُرَدُّ عَلَىْ المَدَى


يَــا غَزَّةَ الأُمَنَاءِ وَالشُّرَفَاءِ يَا



نَجْمَ الشَّآمِ لَهِيْـبُ نَجْمِكِ أُوْقِدَا




يَا
غَزَّةَ الشُّهَدَاءِ , كَمْ بَطَـلٍ أَتَى



مِنْ أَرْضِكِ الحَمْرَاءِ ثُمَّ اسْتُشْهِدَا


لَا تَجْزَعِيْ فَالظَّالِمُــونَ كَغَيْمَةٍ


غَيْمَاءَ تَمْضِيْ فِيْ السَّمَاءِ تَبَدُّدَا


لَا يَا عَرُوْسَ البَحْرِ سَيْفُكِ مَا نَبَا


وَبِنَاءُ عِزِّكِ بِالشُّمُوْسِ تَمَـجَّدَا


هَذِي القُلُوبُ يُثِيْرُ بَرْدَ دِمَائِــهَا

مَا قَدْ جَرْىْ , وَتُحِيْلُ طَرْفَاً أَرْمَدَا



تَشْتَاقُ وَصْلَكِ يَا عَرُوْسُ وَتَرْتَجِي



مِنْ رَبِّهَا كَشْــفَ الحِصَارِ تَعَبُّدَا


يَا غُرّةَ الآمَالِ صَوتُكِ فِي الفَضَا


لَحْنٌ أَتَــى سَمْعَ الزَّمَانِ فَرَدَّدَا


سَيُطِلُّ فَجْرُكِ ضَاحِكَاً وَالليْل يـا

أَحْلَى العَرَائِسِ رَاحِلٌ مَهْمَا عَدَا





هنا القصيدة بصوت الأخ shadow


قصائد إنشادية

السبت، 24 مايو 2008



لأول مرة نعرض للجميع جميع الأناشيد التي قمنا بتأليفها وقام بأدائها العديد من المبدعين
: )

لمن أحبّ أن يحصل على كلمات تُنشد في أي مجال فليراسلنا على البريد الإلكتروني

و سنلبي طلبكم بإذن الله تعالى بسرعة و جودة و أمانة

* و ذلك مقابل مبلغ يُتفق عليه مسبقاً .



الأناشيد


لمجموعة ريماس في منتديات إنشادكم


لتخرج المشرف الشهاب في منتديات إنشادكم

أجواءٌ تعود لتعصف !

الأحد، 18 مايو 2008







عندما تبرق في نهاية الأفق ثم تخبو إلى أجلٍ غير مسمى

وتهطل حينها دون ربابٍ ثمرات السماء ثكلى

ونمضي في الدرب الموحش تكاد تبلغ القلوب الحناجر

هنا زئير الحزن وهناك عواء ألم

ورياح خريف الفرح تسفي رمال الهناء في دربنا ذاك

وتتطاير أوراق البسمة الصفراء في جوٍّ من الرعب

تسمع تغريد البلابل وكأنه الرعد يهزم في ليلة خرساء

ورغم كلَّ هذا تابعنا السير في دربنا الأسود

حتى برق لنا من على أمدٍ بريقٌ ...... كذلك أسود

أسرعنا نحوه نبحث - أنا وروحي والقلب ثالثنا - عن بعض راحة ..

فكان البحر

تصطفق أمواجه الكئيبة

وأسماكه الجوعى تلمع أنيابها تريد بعض سعادة تنهشها تُدميها تمزّقها ..

وقفنا على صخور الماضي هناك

بأقدام صافية تصافح عقارب الوجع

وسحاب السماء يتعاقب على حراسة البدر في سجنه الأزلي

وسالت على الخدود - فهم أطفالٌ - دموعٌ من نار

كأنها حممٌ تحدُّرُها من الجوزاء

تلهب الدنيا

وتعانق البحر إذ يعكسها على السماء فتصبغ سواد الأفق بحمرة الغضب

وتثير رمال الشاطئ الناري لتعلن عن انتفاضة زوبعة جديدة



فلا غرو أن نعيش مع كل هذا ..... ولو بعض!

سـراب

الاثنين، 5 مايو 2008

ينسلُّ من بين الحروف عتابي ... فتصوغُ من أنّاتها أتعابي

ويفيضُ رقراقاً نميرُ قصائدي ... ويسيرُ في شوقٍ إلى أعتابي

فيرى دموعاً في المآقي تشتكي ... بعداً يصوغُ ظلامهُ أحبابي

ويرى زهوراً لم يُغثهَا ماؤهُ ... ويرى غبارَ الهمِّ فوقَ كتابي

ويرى المآسي في سُعارٍ قتَّلتْ ... أفراحَنا لـمَّا دنتْ من بابي

..

مالي أرى الأفراح بعدكِ مُرَّةً ... وأرى الهنا سيفاً يريدُ عذابي

وأراكِ بدراً في سمائي عضَّهُ ... نابُ الخسوفِ , فلاحَ لي كسرابِ

مالي أرى ورقاً يخاصم ريشتي ... وأرى مدادَ الشِّعرِ صار خضابي

وأرى بلابل دوحتي صمتت فلم ... تشدو , ولكن أنصتت لغرابِ

يا مهجتي : طارت إلى أعتابنا ... أسرابُ حزني في السما كسحابِ

وأوَتْ إلى بستان أفراحي فما ... فرحت ْ غصوني بعدها بملابِ

صار الصباحُ حكايةً مخفيَّةً ... وغدا المساء يحلُّ دون ذهابِ

نطقتْ على وجلٍ حروف قصائدي ... وأتت يراعَ الحبِّ دون نقابِ

أغرتهُ حتَّى أتقَنتْ شعراً , وفي ... أبياتهِ رسمٌ يريدُ مصابي

آويتُهُ في دفتري , وبعثته ... لمنْ ارتضتْ هجري , فمات جوابي

سأظلُّ أرقبُ في مراسي فرحتي ... علَّ الهنا يرسو على أتعابي

فأراكِ أخرى مثل غابر عهدنا ... وأذوقُ وصلكِ بعد طول رغابِ

يا مسجد الأقصى



ضحكت مآذنه تُناجي الأنجما ... وإلى الفلاح دعا التقيَّ المسلما

أسرى الإله بأحمدٍ لربوعه ... وإلى السّماء علا وفيها كلّما

فتباركت ما حولهُ من أبطحٍ ... وسما عليها منّةً وتكرُّما

..

يا مسجد الأقصى : حروفي قلَّةٌ ... لكن شعري بالقليلِ تكلّما

يا مسجد الأقصى : دموعكَ أسهمٌ ... وفؤاديَ المفجوعُ صدَّ الأسهما

يا مسجد الأقصى : أراك مُكبَّلاً ... وأرى الأمانَ مسافراً ما يمّما

إني أقولُ , وللجراح تدافعٌ ... والليلُ يُنشئُ للصباحِ المأتما

يا من تشدَّقَ بالعروبةِ كذبةً ... وبها شدى حتى تربَّعَ حاكما

ضيعتم الأقصى , وفي أعرافنا ... أن الحكيم يعيد للشعب الحما

يا مسجد الأقصى : فؤادي مترعٌ ... حزناً , وشعري بالقليل تقدّما

يا مسجد الأقصى فديتك خافقاً ... غنّى بحُبِّك ثم صار متيما

لما رأيتُ الليل حولك فاحماً ... ورأيتُ حزنكَ في الربوعِ توسَّما

ورأيتُ أرذل خلق ربي سالموا ... من أسكتوا شادٍ عليكَ ترنَّما

يا مسجد الأقصى : أتاك شبابنا ... ليحاربوا من قيّدوك على الدما

لا تنتظرْ من كلِّ وغدٍ نصرةً ... فالذئب لا يحمي القطيع ولا الحما

واستمطر الرحمن غارةَ نصره ... واعلم بأن الحقَّ ترعاه السما

..

يا مسجد الأقصى : أذانك خافتٌ ... والهفَ نفسي كيف صار مُكتَّما

يا مسجد الأقصى : ربوعك أقفرتْ ... يا ليت شعري من بحقكَ أجرما ؟

أيهود خيبرَ ؟ أم تراه سكوتُنا ؟ ... أم حاكمٌ ولّى عليك المجرما ؟

خسروا وربي , كلُّ من أعلى على ... أرض القداسةِ كافراً ما أسلما

يا مسجدي : ضمَّ الفؤاد جراحهُ ... لكن على أعتاب من جلَّ ارتمى

يدعو بأن يلقى ربوعك حرّةً ... وبأن تعود إلى ديارك سالما

وبأن يُداعبَ مسمعي صوتٌ على ... قمم المآذن فيك يدعو المسلما

الله أكبر لا سواه فقم إلى ... مسرى الرسول مصلياً لله , ما

يدعوك ربي مسلمٌ متبتلٌ ... إلا وتجزيه الجزاء الأنعما

إلى البراء

الجمعة، 2 مايو 2008



سألتْ دموعِي أين من نهواهُ ؟ ... وإلامَ نحرَمُ من رحيبِ لقاهُ ؟

سألتْ دموعِي , والجراحُ كثيرةٌ ... والقلب تغلِي في الشِّغافِ دماهُ

سألتْ دموعِي , ليتها دريَتْ بما ... يغشَى الجريحَ , وما أصاب عراهُ

فأجَبتُهَا , والنارُتلهِبُ مهجتِي ... والقلبُ بالآلام صار غذاه

يا دمعةً ما كنتُ أحسبها على ... خدَّي تسيل لأجلِ من أهواهُ

يا دمعةً سارت تفسِّرُ لوعتِي ... وتترجمُ الحزن الذي أحياهُ

يا دمعةً عزفَتْ على وتر الأسَى ... لحنَ الجراحِ , وسمعنا يغشاهُ

ما للجراحِ تعذِّبُ الحلم الذي ... منَّى الفؤادَ بفرحةٍ ترعاهُ ؟

ما للسعادةِ غرْغَرَتْ وتوسَّدَتْ ... رمسَاً تواري فيه ما ننخَاهُ ؟

ما بالُ قلبِي يا دموعُ تساقطتْ ... أوراقهُ وشكى ضياعَ مُنَاهُ ؟

قولِي بربك ما الذي قد حلَّ بي ؟ ... وإلامَ يركعُ فجرنَا لدُجَاهُ ؟

سكتتْ دموعي , حاولتْ نطقاً فما ... ألفَتْ حديثاً يستفيضُ شذاهُ

وعذرتُهَا , فالخطبُ أعظمُ منزلاً ... من أن يحلَّ بدمعتِي بلواهُ

رحلَ الشقيقُ , فما أطيقُ وراءه ... عيشاً , ولا أسْطِيعُ وصل سناهُ

ما كنتُ أحسب أن غصن وصالِنَا ... يذوِي , وأنَّ السهمَ طاشَ مداهُ

ما كنتُ أحسب حين كان يضمُّنِي ... أني سأُحرمُ قبلةً بشفاهُ

ما كنتُ أحسب حين أسمعُ صوتهُ ... أني سأُحرمُ شدوهُ وصداهُ

ما كنتُ أحسب حين يضحكُ أننا ... نبكِي عليهِ , وأننا ننعاهُ

عزَّيتُ فيك أيا براءُ أحبَّةً ... ومساجداً فقدتْ عليلَ صداهُ

عزَّيتُ والدَنا , وأمَّاً دمعهَا ... غسلَ الخدودَ , ووادياً تهواهُ

عزَّيتُ نفسي يا براءُ وما لها ... بعدَ الرحيلِ من السُّعُودِ مياه

لغةُ الجراحِ ألِفتُها , ونظمتُها ... شعراً يواسِي خافقاً ناداهُ

تمضي إلى دار الخلودِ ومثلنا ... في اللهو قد خُضْنا ظلامَ دُجاهُ

تمضِي إلى هدفٍ سما بجهادِكِم ... ونظَلُ في خذلاننا نرعاهُ

أقبلتَ والآمالُ جدُّ عريضةٍ ... وعليكَ يا ربَّ الورى تُكْلاهُ

فيك البطولةُ يا براء تجسَّدتْ ... وإلى الإلهِ مضيت , كم تهواهُ!

فلعلَّ ربي أن يمنَّ بجمعنا ... في ساحة الأبطال يا أخواهُ

جزائي منكمـ

جزائِي منكُمُ هذا التَّجافِي ... وقلبِي في محبَّتِكُمْ موافٍ

أتانِي حبُّكمْ وأنا خليٌّ ... وصرتُمْ ريشَ قلبِي والخوافِي

مَخَرْتُ الحبَّ غِرَّاً ما أُبالِي ... بأنِّي لنْ أحُطَّ على ضِفافِ

أريدُ لأنْظِمَ الأشْواقَ شِعراً ... فأعيَى , ثُمَّ تُعجِزُنِي القوافِي

...

أأرضَى عنكُمُ يومَاً بديلاً ... وقدْ حلَّ الهوى منِّي شِغافِي

أأسْتغنِي وأحيَا في بِعادٍ ... وهلْ للزهْرِ عيشٌ في جفافِ

أأسْتَحيِي فلا أبْغِي وصالاً ... من الأحبَابِ للأسْقامِ شافِي

...

أقولُ مواسِياً قلبِي بصبْرٍ ... جميلٍ , مثلَ ظمآنِ الغيافِي

يُغذُّ السَّيرَ يرجُو عَذْبَ ماءٍ ... ليُرْزَأَ بالسَّرابِ وبالسَّوافِي

إذا هبَّ الصَّبَا فانْشُقْ نداهُمْ ... وعِشْ عيشَ المُحبِّ على كفَافِ

وإنْ لاحتْ بوارِقُ منْ سناهُمْ .... فقُلْ : ذا الماءُ , واقنَعْ بارْتِشافِ

...

ولكنَّي رجوتُ الحُبَّ يوماً ... يعُودُ بنَا إلى عهْدِ التَّصافِي

فنشْدُو في الهوَى والحب عمرَاً ... لنَا من وصَلِنا طِيبُ ائْتِلافِ

ونمرَحُ , كلُّ سعدٍ في يديْنَا ... وآذَنَتِ الهُمومُ بالانصِرافِ

وينشُرُ قصَّةَ الأشواقِ زهْرٌ ... تفتَّحَ , إذْ عذولُ الحبِّ غافِي

ونشْوتُنَا ونحنُ على وصَالٍ ... ألذُّ لنا من الشَّهدِ المُدافِ

ويهْتَزُّ النَّسيمُ يميْسُ عطرَاً ... ونجْنِي في الهوَى حُلْوَ القِطَافِ

فصولٌ من ذاكرة طفلة

السبت، 19 أبريل 2008

بسم الله الرحمن الرحيم

هي أقرب إلى القصص من كونها خواطر


ذكريات أتأملها تُداعب خيال طفلةٍ هناك على سفح الوادي



تُخبّئ في صدرها حنين اللقاء وشوقاً نكّس علم ابتسامتها وأعطى الدموع مفاتيح السور


على لسانها :





:: 1 ::


كان يوم إجازة

نهضت من فراشي متأخرة لا كعادتي

أحسست بضيق ونقص

نظرت إلى سرير شقيقتي فإذا بها أيضاً نائمة !

راودني ذات الشعور وأنا أزيح الستار الخمري عن نافذتي

بيان ... بياااان

أجابني صوتها الناعس وهي - كما أحسست - لا تعي ما تقول : ماذا ؟؟!

الساعة الثامنة !

رفعت شقيقتي رأسها فجأة وبلهجة استنكار : تمزحين !

أشرت بهدوء وقلقٍ إلى ساعة الجدار

رفعتْ حينها الغطاء بحركة عنيفة وصاحت : أين بابا حمزة ؟

لم أجب على سؤالها فقد كان على شفتي ألف سؤال يشاكسه .

فتحت النافذة وأسرعت إلى باب غرفتك البنيّ .

الباب كعادته مغلق .....

طق طق طق طق

بابا حمزة !

لم يجبني أحدٌ حينها يا أخي

مرة أخرى وثالثة وعاشرة ......

جاءت بيان وهي تميل رأسها شمالاً بتعجبٍ وخوف واستنكار وقلق

نعم .....

كل تلك المشاعر كانت كلماتٍ على صفحة وجوهنا يا أخي

مرة أخرى بصوتٍ واحد :

بابااا حمزة

كذلك ... لا جواب ولا مجيب !

أمسكت بيان قبضة الباب بقوة ودخلتْ .....

الغرفة فارغة !

ربما خرج باكراً ....

احت بيان بصوت تخنقه الدموع : لاااااااا !

دون أن يقبلني قبلة الصباح ؟!

بل قبلنا .. ربما لم نشعر بها اليوم

حينها ارتفع صوت بكاء وراءنا

يا الله !!

أمي !!!

أسرعنا نحوها كالمجانين

ماما .... ما الأمر ؟

وكعادتها أسرعت تحضننا تحت إبطيها بحنان الحمام .

لا شيء .... لاا شيء

وكما عرفتنا يا أخي - بلا وعي - واست دموعنا دموع أمي .

أكثر من ساعة يا أخي ونحن في حضنها تبكي وتُبكينا ولا أنت تمسح دموعنا كما عوّدتنا !

فجأة شعرنا بحركة عند باب غرفتك

كان جعفر الكبير !

صامتٌ , وفي أحداقه المحمّرة ألف ألف كلمة تُخبر بالكثير !

مسح شعر أمي وقبّل رأسها الذابل .

رحل ؟؟

أطبق جعفر جفنيه ليواري دموعاً رأينا منها الكثير وغاب أكثر .

مشى بعدها في أنحاء غرفتك السماوية .

أزاح الستار الأزرق وفتح النوافذ

أخرج من خزانتك عطرك الأزرق الثمين وراح - كما كنتَ - يرش منه بعناية في أرجاء الغرفة العطرة .

كانت صدمة حرمتنا حتى فهم ما يجري !

أمي .... من رحل ؟؟ .... أين أخي ؟؟

صرخت بيان وصرخت معها الدموع

جعفر أرجوك

من رحل ؟؟

هنا سمعنا صوتاً هادئاً على باب الغرفة

أمي .... أين حمزة ؟؟

كانت آلاء يا أخي

توأم حياتك وأنس أيامك .

أتذكرها ؟؟

تلك التي منذ الطفولة لا تفترقان إلا على ألف اتصال .

أذكر حين كنت تهاتفنا في أسفارك وتنال منها أغلب الوقت حديثاً وضحكاً .

كنت تحدثها حين تحدثها وأنت على الشرفة تنظر إلى القمر وتقول :

الآن أراك وأسمع صوتك !

نظرت إليها أمي وكلّ وجوم الدنيا تربّع في وجهها المشدوه !

لم تكن إلا بضع ثوان حتى انهارت توأمك وعلا نحيبها ....

أسرع جعفر يمسكها من كتفيها ويعانقها

هي بكت نعم لا عجب ..

أما جعفر !!

بكى كطفل رضيع وقد كنت أرى المستحيل يتجسد في بكائه يوماً !

حينها فقط يا أخي

حينها فقط فهمت الكثير ...

فهمت أن حضنك الدافئ رحل .

أن قبلة الصباح التي لم أحرم منها أربع عشرة سنة لن يهنأ بها خدي بعد اليوم ...

أن حكايات المساء ستغيب .

أن الدموع ستطمئن اليوم فلا حمزة يمسحها

أنك رحلت !

أبــكــــي


أبكي ويبكي كلُّ ما حولي معي

وتزيدُ ذكراكم حرارةَ أدمعي


يا غائبين عن الفؤاد وطيفهم

سكن الصميم من الفؤاد وأجمعي


يا ساكنين من الفؤاد حشاشتي

لو تسمعون تأوّهي وتوجّعي


وتنهّدي مِلء الفضاء , ولوعتي

ناراً تصعّدُ في جوىً متصدّعِ


يا ظاعنين عن الدّيار وقد غدت

من بعد نضرتها كقفرٍ بلقعِ


.
الليل طالَ وطالَ بُعدُ أحبّتي

والشّوقُ في جنبي يحرّقُ أضلعي


والحزنُ وشّى كل ما حولي ولم

ألقَ المواسي في الفراق الموجعِ


والهمُّ غطّى مهجتي وكأنّهُ

ليلُ الكروب نجومُهُ لم تطلعِ


فإذا النهارُ ظلامُ ليلٍ حالكٍ

وتضيقُ ساحاتُ الفضاء الأوسعِ


.


ما للربيع وقد تناهى حُسنهُ

وكأنه من حسنه لم يُمرعِ ؟!


ما للوجوه تغيّرتْ قسماتُها

وتوارت البسماتُ خلفَ الأدمعِ ؟


ولّت نضارةُ كلّ حسنٍ بعدما

غابتْ هوادجهم ولمّا ترجعِ


.


يا من فراقهم أقضّ مضاجعي

وبعادهم مثلُ السّيوف الشّرّعِ


ما كنتُ يوماً سالياً عهد الوفا

ءِ , وفي هواهم لم أكن بالمدّعي


.


أبكي فيبكي من تولُّهِ مهجتي

صمّ الصخور وتستجيبُ لأدمعي


وأنوحُ في ليل الضّنى فتُجيبُني

ورْقُ الحمائمِ في المصاب المفجعِ


ناديت لم أسمع سوى رجع الصّدى

وعلا النّداء ولم أجد من مُسمَعِ


يا قلب ودّع للصفاء وللهنا

ولذيذ نومك يا عيوني ودّعي


.


يا نسمةً مرّت وفي طيّاتها

نَفَسُ الحبيب إلى فؤادي أسرعي


أنت الطّبيب إذ الفراق أمضّني

أنت الشفاء وفيك بُرء مواجعي


لو كنتُ أملك كالطيور جناحها

لركبتُ متن السّحب لم أتورّعِ


ومع الصباح مرفرفاً حول الهوى

لأحطّ أرض رياض حبّ أروعِ


فأرى أحبّائي وتُروى غُلّتي

والعيشُ يصفو بعد طول تلوّعِ


.


إني دعوتُك يا إلهي راجياً

أنت الغياثُ , إلى رحابك مفزعي


يا ربُّ فرّج كربتي وتولّني

باللطف وارحم ذلّتي وتضرُّعي


أسبل عليّ سحاب جودٍ واحبني

فضلاً يفيضُ من المعين الأرفعِ

كنّا هنا


كُنا هنا نحيا الهوى ... ونعيشُ أيامَ الهنا

وندير طرفاً باسماً ... والزهرُ يمرحُ بيننا

.

كنا هنا في ليلةٍ ... والبدرُ يؤنسُ ليلَنا

والروح تنظرُ في السما ... ءِ ترى النجومَ بحضننا

.

كنا هنا يا مهجتي ... نرعى المحبةَ طفلَنا

نسقيه كي يبقى بحضن لقائنا أملَ السنا

.

كنا هنا والروح ولهى كم تقاطرُ جنينَا

والحبُّ كان شُجيرةً ... خضراءَ في بستاننا

.

كنا هنا زيتونةً ... خضراءً ورداً تاقنا

والنهرُ يجري والغديرُ مورّدٌ لسقائنا


.

كنا هنا بين الرُّبى ... نسقي التلال حياءَنا

كم قد ركضنا وارتمينا فوق عشب صفائنا

.

كنا هنا أرجوحةً ... طفلاً بريئاً جاءنا

ريحَ الربيع وزهرَه ... والذكرياتِ وحبَّنا

.

كنا هنا عصفورةً ... تشدو بلحنٍ راقنا

طيراً يحبُّ حمامةٌ ... عشاً يفيضُ بملئنا

.

كنا هنا أنشودةً ... لحناً فنشدو لحننا

مطراً تساقط باسماً ... أحيا فؤاداً أذعنا

.

كنا هنا نوّارةً ... سعداً فعشنا سعدنا

أملاً تدفّقَ ناضحاً ... ريحانةً و ربيعنا

.

كنا هنا واليوم يا ... جوريّتي ضعنا هنا

أحلامُنا مشدوهةٌ ... وبريدُنا قد ساءنا

.

كنا هنا واليوم يا ... ريحانتي لسنا هنا

أفراحُنا مكلومةٌ ... صاحتْ تريد شفاءنا

.

كنا هنا واليوم يا ... أملي فَقَدْنَا ما هنا

كل الدروب أضعتُها ... كيف الوصول لدربنا ؟

.

كنا هنا واليوم يا ... أمّاه نبحث عن هنا

أين الوصال وشهده ... ولقاؤنا يا أمنا ؟

.

كنا هنا يا روحنا ... ولسوف نرجع ها هنا

لا بد للقيا معاداً ... نستريحُ به هنا

عطفًا



عطفاً أميرَةَ قلبي إنني دنفُ

الحبُّ أضنى فؤاداً مِلؤه الشّغفُ

ولّهتني وتركتِ الوجدَ مستعراً

لو ترحمين فقد أودى بي التّلفُ


ناديتُ قلبكِ أرجوهُ وآملهُ

لعلّ قلبكِ نحو القلبِ ينعطفُ


لكنْ تصاممْتِ , لم يجدِ النّداء ولم

أنل من الوعدِ إلا الخلفُ واللهفُ


أمّلتُ فيك حناناً غير منقطعٍ

إمّا ظمئتُ فمن دنياه أغترفُ


قد كان حظي منه سابغاً غدقاً

ما باله اليومَ عمّا كان يختلفُ ؟!!


..
ودّعتُ أيّام ودٍّ ضمّنا زمناً

ظننتُ أن سناه ليس ينكسفُ


أضنيتِ قلبي وما أبقيت من رمقي

والدّمع في مقلتي - من لوعتي - يَكِفُ


...


ساقيتني زمناً كأس الوصالِ فما

برحتُ حتى رأيت الكأسُ يُنتزفُ



كأننا لم نذق شهد الوصال معاً

ولم يكن سلفٌ في الحبّ أوخلفُ


كأننا لم نبت روحان في جسدٍ

روضُ الغرام لنا جنّاته كنفُ


ولم نوقّع على غصن الهوى نغماً

والعاشقون لألحان الهوى عزفوا !


وما بسطنا ببحر الحبّ أشرعةً

في ظلّها مهجُ الأحباب تأتلفُ


..


أنا المحبُّ وقلبي في بعادكمُ

بالشّوق والسُّهد والآهات يلتحفُ


على العهود مقيمٌ لا يبدّلها

بالباب ثاوٍ و بالمحراب معتكفُ


هذا الفؤاد وروحي والكيان وما

صدري احتواه , بقيد الحبّ معترفُ


روحي تهيم بذكرى لم تزل عبقاً

أحيا بها وعلى جفن الهوى تقفُ


وليس لي في الهوى ذنبٌ يؤرّقني

وما لغيرك سرُّ القلب ينكشفُ


..


في الوصل أطمع واللقيا بكم أملي

ويوم " لمّتنا " الأحلى لي الهدفُ



متى بقربكم أقضي المرام , فلا

هجرٌ ينغص عيشي لا ولا أسفُ ؟


إني برحمة ربي واثقٌ أبداً

عسى برحمة ربي الهمّ ينصرفُ

ذكرياتٌ غافية


ذكريـــــات غافــــية


أُسامر طيفَكِ الغافِي فأغفُو :::: على أملٍ له المُشتاقُ يهفو

وأحلم باللقا ما حلّ فجرٌ :::: متى يأتِ اللقا , والعيشُ يصفو ؟

فؤادي في الحشا نارٌ تلظّى :::: ومالي حيلةٌ تُجدي وصرفُ

على وردِ المحبة كنت إلفي :::: وليس سواك للظمآن إلفُ

نهلنا منه لم نعبأ بعذلٍ :::: ووِردُ الحبّ يا شوقااه صِرفُ

وناجينا على الفجر الأماني :::: وغازلنا ونورُ الفجر صنفُ

فأكتبُ بالدّوى شعراً أحاكي :::: ملاكاً ما له في الشّعر وصفُ

عسى عيناي تكتحلان يوماً :::: برؤيةِ قبرها , ويمرُّ طيفُ

أُمنّي القلبَ دوماً بالأماني :::: ويمضي العُمرُ ميعادٌ وخُلفُ

أأبكي والدموع تزيد وجدي :::: وهل دمعٌ من المكلوم يعفو ؟

رأيتُ البدر مختنقاً هلالاً :::: يريدُك علّ نوراً منك يقفو

فنامي , لن تنام عيونُ صبّ :::: أرادك قربه فاشتدّ خطفُ

إليكَ شكوتُ يا رحمن أمري :::: فأنت اللهُ ترحمني وتعفو

مرحبًا بكمـ :)

الخميس، 17 أبريل 2008


في نجم السّماء و أغاريد الحمام

وبين تنفّس الصبح ورحيل شمس المغيب

وبين خوافقنا ونبض سعادتنا بكم

وشوقنا إلى رؤية محيّاكم الطيّب المشرق

نرحّب بكم أهلاً وأحباباً هُنا في موقعنا الصغير

بيتاً ودار ضيافة لكم , وبكم


أخوكمـ
الميداني

 
almaidany - by Templates para novo blogger 2007